الغش في الامتحانات: الوزير يلقي برجال التعليم في الجحيم!

مصطفى السباعي

في إطار حربها المعلنة على الغشاشين والغشاشات في الامتحانات الإشهادية، وبخاصة امتحانات البكالوريا، أصدرت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني المقرر الوزاري بشأن دفتر مساطر تنظيم امتحانات البكالوريا رقم 16-029 بتاريخ 13 ماي 2016، وقد تضَمَّن هذا المقرر بابًا كاملاً عن الغش مُوزعًا على ثمان (08) مواد، لم يتطرق فيها بالبت والمطلق لمسألة حماية الأساتذة المكلفين بالحراسة ورئيس مركز الامتحان والملاحظ الذين يضبطون حالات غش أثناء إجراء الامتحان، وكذا الأساتذة المصححين ورئيس لجنة التصحيح ورئيس مركز التصحيح بالنسبة للحالات التي تم ضبطها أثناء التصحيح – حمايتَهم (القبلية والبعدية) من التهديدات والتعسفات والعنف الذي قد يتعرضون له عند الإبلاغ عن حالة غش.

وباستثناء الفقرة الواردة في المادة 112 من هذا المقرر التي تنص على التنسيق مع السلطات الأمنية قصد رصد حالات الغش التي يتم ضبطها خلال التصدي لشبكات تسريب الأجوبة، فإنه ألقى برجال التعليم المشرفين على هذه الإمتحانات إلى الجحيم دون أي اعتبار لما قد يتهدد سلامتهم الجسدية أو سلامة أفراد أسرهم في حال التبليغ عن حالات غش أثناء الإجراء أو التصحيح.

على أن كافة الإجراءات المعلن عنها في هذا المقرر قد يبقى جُلُّها حبرا على ورق في غياب أي ضمانة لحماية رجال ونساء التعليم المعنيين. ذلك أن حوادث سابقة بهذا الخصوص قد تؤدي إلى ارتداع (الردع) المكلفين بالحراسة والتصحيح الذين سبق لهم التبليغ عن حالات الغش وتعرضوا لتهديدات ومضايقات من طرف تلاميذ أو أوليائهم تم الإبلاغ عن غِشِّهم، بل

هناك نساء ورجال تعليم تعرضوا للعنف شخصيا أو أحد أفراد أسرهم. وعلى حد قول المغاربة الدَّارج: “اللي عضو الحنش كيخاف من الشريط” خصوصا وأن الوزارة لا تؤازر دائما رجالها ونساءها الذين يتعرضون للعنف والتهديد والمضايقة من طرف تلامذتهم أو من طرف أحد أفراد أسرهم لأسباب لها علاقة بمهنتهم، خاصة خارج المؤسسات التعليمية. ومن المتوقع أن يتفادى معظمهم التبليغ عن حالات الغش التي يضبطونها، خاصة أثناء الإجراء درءً لأي مشاكل قد يواجهونها لاحقا.

جدير بالذكر أن القانون رقم 37.10 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية في شأن حماية الضحايا والشهود والخبراء والمُبلغين، فيما يخص جرائم الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ وغيرها تنصمادته 82-6 على أنه “يحق للشاهد أو الخبير في أي قضية، إذا ما كانت هناك أسباب جدية من شأنها أن تعرض حياته أو سلامته الجسدية أو مصالحه الأساسية أو حياة أفراد أسرته أو أقاربه أو سلامتهم الجسدية أو مصالحهم الأساسية للخطر أو لضرر مادي أو معنوي إذا ما أدلى بشهادته أو إفادته، أن يطلب من وكيل الملك أو الوكيل العام للملك أو قاضي التحقيق- حسب الأحوال- تطبيق أحد الإجراءات المنصوص عليها في البنود 6 و7 و8 من المادة 82-7 بعده، وذلك بعد بيان الأسباب المذكورة”.

كما تنص مادته 82-9 على أن “يحق للمبلغ الذي يقوم بإبلاغ السلطات المختصة لأسباب وجيهة وبحسن نية عن إحدى الجرائم المشار إليها في المادة 82-7 أعلاه أن يطب من وكيل الملك أو الوكيل العام للملك أو قاضي التحقيق كل فيما يخصه اتخاذ واحد من التدابير أو أكثر من التدابير المنصوص عليها في المادة 82-7 أعلاه”.

وحسب العبارة المتضمنة في عنوان القانون (وغيرها) يمكن وضع الأساتذة المكلفين بالحراسة ورئيس مركز الامتحان والملاحظ، وكذا الأساتذة المصححين ورئيس لجنة التصحيح ورئيس مركز التصحيح تحت حماية هذا القانون، باعتبارهم إما شهودا أو مُبلِّغين. مع العلم أن الظهير الشريف رقم 1.58.060 بشأن زجر الخداع في الامتحانات والمباريات العمومية  يعتبر “بمثابة جنحة كل ما يرتكب مـن الخـداع في الامتحانات والمباريات العمومية لولوج المـرشحين إحدىالإدارات العمومية أو لإحرازهم إحدى الإجازات التي تسلمها الدولة”.

وكان على وزير التربية الوطنية والتكوين المهني إسناد مقرره عليه، خاصة وأن الظهير الشريف المتعلق بزجر الخداع في الامتحانات والمباريات العمومية، المشار إليه أعلاه، لا يضمن حماية للمشرفين على الامتحانات والمباريات العمومية.

وكل امتحانات وأنتم على عِلم.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-