مستشار بنكيران يكشف مقترحات الحكومة التي رفضتها النقابات لإصلاح التقاعد

 كشف عبد الحق العربي مستشار رئيس الحكومة، معطيات مثيرة مرتبطة بالحوار الاجتماعي، قائلا "بعد ثلاث اجتماعات للجنة الوطنية للحوار الاجتماعي، ظلت جل المركزيات النقابية تراوح مكانها مما طبع هذه الجولة بنوع من العبث واللامسؤولية في تعاطي هذه النقابات مع الحوار الاجتماعي"، اضطر معه عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة إلى أن يطلب من المركزيات النقابية، أن يمدوه بمطالبها النهائية، حتى تدرسها الحكومة من جديد، يضيف العربي.

وبالفعل أرسلوا مطالبهم ولكنها للأسف هي نفس المطالب الأولى للحوار، يقول العربي، في حوار مع  pjd.ma، "بل هناك مطالب جديدة غير واقعية، مما يعني أن كل الوقت الذي أمضيناه في عشر جلسات كأنه ذهب سدى"، مبرزا أن النقابات اقترحت مطالب وتراجعت عنها، بعدما استجابت لها الحكومة، وهذا السلوك حسب العربي، هو "مثال على  بعض ما قامت بها بعض المركزيات النقابية، والتي لا تعكس سوى نوع من عدم الثقة واللامسؤولية".

وكشف العربي، تفاصيل عرض الحكومة الذي رفضته النقابات، رغم أنه يتضمن إجراءات جد مهمة لصالح الموظفين وعدد من فئات المجتمع، مبرزا في الوقت ذاته مبررات الحكومة في عدم استجابتها لمطلب الزيادة العامة في الأجور للموظفين والعاملين الذي تشبثت به النقابات طيلة جلسات الحوار.
وفيما يلي نص الحوار:

س: نبدأ حوارنا هذا بسؤال فرض نفسه، بعد كثرة القيل والقال حول الحوار الاجتماعي، أين وصل الحوار؟

ج:  بعد سلسلة طويلة من اجتماعات اللجنة التقنية التحضيرية للحوار الاجتماعي، وبعد ثلاث اجتماعات للجنة الوطنية للحوار الاجتماعي، ظلت  جل المركزيات النقابية تراوح مكانها مما طبع هذه الجولة بنوع من العبث واللامسؤولية في تعاطي هذه النقابات مع الحوار الاجتماعي، اضطر معه عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة إلى أن يطلب من المركزيات النقابية، أن تمده بمطالبها النهائية، حتى تدرسها الحكومة من جديد.

وبالفعل أرسلوا مطالبهم، ولكنها للأسف هي نفس المطالب الأولى للحوار، بل هناك مطالب جديدة غير واقعية، مما يعني أن كل الوقت الذي أمضيناه في عشر جلسات كأنه ذهب سدى. وهذا يؤكد أن بعض النقابات، -وأنا أقول البعض- ليست جدية ولها حسابات أخرى، وباقي النقابات الأخرى سقطت في فخها مع كامل الأسف.

س: إذن الحوار الاجتماعي مازال مفتوحا؟

ج: نعم مازال مفتوحا، الحكومة أكدت للنقابات أنها لن تغلق الحوار الاجتماعي، والحكومة حاليا معتكفة على دراسة مطالب النقابات التي توصلت بها، وأتمنى أن نتحاور مستقبلا بالجدية المطلوبة، بما يحقق مطالب الفئات المتضررة من الشغيلة ومراعاة وضعية المقاولة وتنافسيتها، وكذا الوضعية الاقتصادية والمالية للبلاد. كما أتمنى مستقبلا أن تدرس النقابات مطالبها جيدا، قبل أن تتقدم بها ثم تتراجع عنها بعد استجابة الحكومة لها.

س: هل اقترحت النقابات مطالب وتراجعت عنها بعدما استجابت لها الحكومة؟
ج: نعم، ويتعلق الأمر بمطلب مراجعة الضريبة على الدخل، حيث نبهت الحكومة النقابات أن هذا المطلب يهم فقط الفئات العليا وليس الدنيا من العاملين، حيث إن  53 في المائة من الموظفين، معفيون من الضريبة حيث إن الأجور التي تصل إلى حوالي 5000 درهم عمليا هي معفاة من الضريبة.

إلا أن النقابات تمسكت بمطلب يقضي بتخفيض نسبة الاقتطاع المتعلق بالضريبة على الدخل بالنسبة للشطرين الأدنين، وبعدما استجابت الحكومة لهذين المطلبين، تراجعت عنها النقابات في اللقاء الموالي، بدعوى أنها أعادت الحساب ووجدت أن هذين المطلبين لن تستفيد منهما إلا الفئات العليا. وهذا السلوك هو مثال على  بعض ما قامت بها بعض المركزيات النقابية كما قلت، والتي لا تعكس سوى نوعا من عدم الثقة واللامسؤولية.

س: النقابات رفضت عرضا جديدا للحكومة يهم الموظفين ويتعلق بالتخفيف من الإجراءات المتعلقة بإصلاح نظام التقاعد.ما هي تفاصيل هذا العرض؟

ج: كما هو معروف، الحكومة اعتمدت ثلاثة معايير في إصلاح نظام المعاشات المدنية، وهي رفع السن والزيادة في المساهمات، وتخفيض نسبة التعويض عن المعاش. وللتخفيف من هذه الإجراءات عرضت الحكومة على النقابات اعتماد إجراءين فقط بالنسبة للموظفين، ويتعلق الأمر برفع السن وتخفيض التعويض، على أساس أن تتحمل  الحكومة الزيادة في الاقتطاعات.

مشروع الإصلاح ينص على أن ترتفع هذه المساهمات من 10 إلى 14 بالمائة على أن تؤدي  الحكومة 4 في المائة بصفتها مشغلا، ويؤدي الموظف 4 في المائة.

 ويتعلق مقترح الحكومة، بأن تتحمل كلا من قسطها وقسط الموظف عبر الزيادة في أجور الموظفين بما يناسب الاقتطاعات المقترحة. لكن النقابات رفضت هذا المقترح، معللة موقفها بأن هذا الإجراء لا يهم إلا الموظفين. ونحن استغربنا لهذا الأمر، لأننا لم نستوعب المنطق الذي يحكم النقابات، إذ كيف ترفض مقترحا لطالما طالبت به.

س: هل يمكن أن تحدثنا عن النقط الأخرى التي يتضمنها عرض الحكومة؟

ج: الحكومة اقترحت على النقابات، أن تزيد 100 درهم في التعويضات العائلية لجميع الأطفال، كما اقترحت أيضا رفع منحة الولادة إلى 1000 درهم، بعدما كانت حوالي 150 درهم، والرفع من الحد الأدنى للمعاشات إلى 1500 درهم، واقترحت أيضا مراجعة عدد من الأمور منها التعويض على الإقامة.

 هذا إضافة إلى مجموعة من الأمور اللامادية التي تطالب بها النقابات، من قبيل بعض الإجراءات المتعلقة بالحريات النقابية، وحث الولاة والعمال على المقاربة الاستباقية في هذا المجال، ثم أيضا قضية مأسسة الحوار الاجتماعي من خلال  عقد جلستين في السنة للحوار الاجتماعي تسبقه حوارات قطاعية، وهي مطالب كلها استجابت لها الحكومة.

س: لماذا في نظرك لم تعر النقابات الأهمية لعرض الحكومة رغم أنه استجاب لجل مطالبها؟

ج: هناك اتجاه يحاول الضغط على الحكومة بورقة الانتخابات القادمة، وعرقلة إصلاح نظام المعاشات المدنية، إلا أن الحكومة أكدت في عدة مناسبات أنها لن تتنازل عن هذا الإصلاح اعتبارا لاستعجاليته وهي ماضية فيه، ولا يمكن أن تضحي بمصير الآلاف من أبناء الشعب من الموظفين مهما كلف الثمن.

ما هي المطالب التي لم تستجب لها الحكومة وما هي مبرراتها في ذلك؟
ج: في الحقيقة النقابات لها مطلب واحد ووحيد يحظى بالأولوية وهو الذي ظلت متشبثة به، أما المطالب الأخرى فهي بالنسبة لها ثانوية، ويتعلق الأمر بالزيادة العامة في الأجور لجميع الموظفين والعاملين، وهذا المطلب تعذر على الحكومة الاستجابة له، وقدمت توضيحات كافية للنقابات في هذا الموضوع، حيث أكدت لها أن الوضعية الاقتصادية للبلد لا تسمح بذلك.

كما بينت الحكومة أن تعافي مالية الدولة لا يعني  أننا وصلنا  بر الأمان، خصوصا أن المغرب يواجه عدد من الإشكالات، منها الجفاف وآثار الأزمة الأوربية التي لا زالت تلقي بظلالها على البلد.

كما ذكرت الحكومة بأن مطلب النقابات بالزيادة العامة في الأجور مكلف جدا ولا يمكن لميزانية الدولة تحملها حاليا، مذكرة بأن  الحكومة الفارطة أقرت زيادة 600 درهم، التزمت بها الحكومة الحالية ونفذتها في 2012 وبذلت من أجل ذلك جهدا استثنائيا.
كما اقترحت الحكومة على النقابات إعطاء الأولوية للفئات ذات الدخل المحدود، في انتظار تعافي مالية الدولة، لكن مع كامل الأسف ظلت متشبثة بمطلبها القاضي بالزيادة العامة التي تشمل الأجور العليا والدنيا معا.

س: قلتم إن الحكومة عازمة على إصلاح صناديق التقاعد، ولكن مشاريع القوانين المرتبطة بهذا الإصلاح عرفت حالة "بلوكاج" بلجنة المالية بمجلس المستشارين، مما جعل رئيس اللجنة رحال مكاوي يرفع تقرير بهذا الخصوص إلى مكتب المجلس، ما هي الخطوات التي يمكن أن تقدم عليها الحكومة في حالة عجز مكتب المجلس عن إيجاد حل لهذا الإشكال؟

ج: على مكتب مجلس المستشارين تحمل مسؤوليته لأن حالة "البلوكاج" التي تعرفها مشاريع قوانين إصلاح التقاعد يدخلنا في أزمة سياسية لا قدر الله، وإذا عجز مجلس المستشارين بمكتبه عن حل هذا الإشكال فإن ذلك سيكون له أثر على بالغ على صورة المجلس ومكتبه، إذ سيعد ذلك دليلا عن عدم قدرته  وعجزه عن تدبير الأمور، وفق ما هو منصوص عليه في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.

الحكومة لحد الآن  لا تريد أن تتسرع، وتحدث أزمة سياسية بهذا الخصوص، لكن  عدم  إيجاد حل لهذا الإشكال، سيضطرها إلى اللجوء للوسائل الدستورية  والقانونية المتاحة.

عن موقع بيجيدي.ما
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-