بعد أوامر الملك .. التوفيق يكشف معالم إصلاح المناهج الدينية

كشف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، بعض معالم إصلاح مناهج التعليم الديني بالمغرب، التي أمر الملك محمد السادس خلال فبراير الماضي بمراجعتها، حيث وجهت تعليمات إلى وزير التربية الوطنية ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بهذا الخصوص.

تعليمات الملك محمد السادس همّت، بالأساس، مراجعة مناهج وبرامج مقررات التربية الدينية، سواء في المدرسة العمومية أو التعليم الخاص، أو في مؤسسات التعليم العتيق، في اتجاه إعطاء أهمية أكبر للتربية على القيم الإسلامية السمحة، وفي صلبها المذهب السني المالكي الداعي إلى الوسطية والاعتدال، وإلى التسامح والتعايش مع مختلف الثقافات والحضارات الإنسانية.

حديث التوفيق عن إصلاح التعليم الديني جاء خلال لقاء نظمته المؤسسة الدبلوماسية بالرباط، وحضره خمسون سفيرا أجنبيا معتمدا لدى المملكة، حيث كشف التوفيق أن محتوى المقررات الدينية لن يتغير، لكنه سيعتمد على مبادئ قانونية ومقاصد كونية، وسيتمحور حول مبدأ التوحيد لله.

وقال وزير الأوقاف إن مبدأ التوحيد هدفه الأسمى هو "تحرير الناس"، من خلال الدعوة إلى التفكير، كما أن تغيير التصميم البيداغوجي سيتم توسيعه لكي يشمل مجموعة القيم التي تتماشى مع المعارف والعلوم الأخرى، مضيفا أن هذا التغيير ليس بمفهوم التلقين وإنما تحرير العقل، "فالدين ليس معلومات يتم تلقينها، وفي حال كان كذلك فسيكون شيئا من التاريخ"، على حد تعبير وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية.

وقبل أن يسترسل في جرد معالم إصلاح المناهج الدينية في المقررات الدراسية، استدرك أحمد التوفيق بالإشارة إلى أن هذا الإصلاح سيعرض على الملك محمد السادس قبل أن يتم اعتماده بشكل رسمي.

واستعرض الوزير أمام السفراء الأجانب السياسة الدينية في المملكة، والتي اختارت الإسلام منذ قرون وفق المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية وتصوف الجنيد، فيما شدد على أن موضوع الدين بشكل عام وتدبير السياسة الدينية خاصة، أصبح من المواضيع التي تفرض نفسها على الجميع، "وفاجأت الكثيرين لأنهم كانوا يظنون أننا في سياق تاريخ كوني غربي وقع فيه الفصل بين السياسة والدين، وأن الدين مسألة فردية تهم الأفراد، كما أن الشأن العام، سواء الدولي أو داخل البلدان، لم يعد يهتم بهذه المسألة، فيما عادت عن طريق الإرهاب".

وذكّر التوفيق بأن رئيس الدولة في المغرب هو أمير المؤمنين، في سياق إسلامي يختلف عن السياق البريطاني، ذلك أن الإسلام منذ نشأته كان دينا ودولة، وهذه الأخيرة تسهر على الدين، كما أن مشروعية الحاكم مبنية على البيعة، والمغرب حافظ على البيعة وشكلها الأصلي.

وفي الوقت الذي نفى فيه وجود كلمة مرادفة لـ"البيعة" في القواميس الغربية، اعتبر التوفيق أن البيعة التي حافظت عليها المملكة ليس بطريقة شفوية أو تقليدية، بل هي عقد مكتوب منذ قرون، وعندما يتولى الملك الحكم، فإن مكونات الأمة تجتمع وتدلي بالبيعة للملك الجديد وتكتب في المدن.

الوزير كشف أن هذه البيعة ترتكز على خمسة التزامات يتعهد بها الملك، وهي "أن يحفظ للأمة دينها، وأن يحفظ الأمن، وأن يحفظ نظامها العام، والملكية وكل ما يتعلق بالأموال، وأن يحفظ الكرامة والعرض"، وخاطب السفراء الحاضرين بالقول: "لا شك أنكم تفاجؤون بسماع هذه الأمور لأنها لا تدرس في الكليات والجامعات".

وأبرز التوفيق أن المذهب المالكي يشترك فيه المغرب مع البلدان المغاربية والإفريقية، معتبرا أن المنطقة معرضة للهجوم ممن يفسرون الدين تفسيرا حرفيا ويعتبرون أن "الجهاد قتال"، موردا أن "الجهاد ليس قتالا إلا إذا كان للدفاع الأقصى وعندما تنفد كل وسائل السلم".
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-