الراقي: الإصلاحات الكبرى التي تباشرها الوزارة تتم دون إشراك للمعنيين بتنفيذها

كشف عبد الغني الراقي، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، نائب الكاتب العام للنقبة الوطنية للتعليم المنضوية تحت الكونفدرالية، في حوار أجرته معه يومية “المساء” في عددها الصادر يوم الثلاثاء 12 أبريل (2016 ) عن مواقف نقابته من بعض القضايا المطروحة على الساحة في قطاع التعليم، يأتي في مقدمتها من وجهة نظر القيادي النقابي كما جاء معرض رده على أسئلة الزميل رضوان الحسني، إخراج النظام الأساسي الجديد لوزارة التربية والتكوين، وعلاقة النقابات من مشاريع الإصلاح التي يتمم حاليا تنزيلها في إطار التدابير ذات الأولوية والرؤية الاستراتيجية، “الديمقراطية العمالية” وتعميما للفائدة، بعد اسئتذان، الأستاذ الراقي، وجريدة المساء، تعيد نشر نص الحوار الهام كاملا.

دعنا نبدأ من آخر قرار اتخذته ست نقابات تعليمية وضمنها بطبيعة الحال النقابة الوطنية للتعليم المنضوية في إطار الكونفدرالية الديموقراطية للشغل ، القاضي بمقاطعة انتخابات المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين ، هل يمكنكم توضيح الأمر للرأي العام  خاصة وأنكم تعتبرون المذكرة المنظمة لهذه العملية شابتها اختلالات ؟

فعلا بادرنا إلى جانب باقي النقابات إلى مقاطعة جماعية لانتخابات ممثلي الموظفين في المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، بسبب اختلال العملية برمتها، ذلك أن الوزارة، ومرة أخرى تخلف الموعد وتنفرد في تدبير هذا الملف دون إشراك الشركاء الاجتماعيين، وأصدرت مذكرة أقصت عددا من الموظفين المنتخبين من لوائح الناخبين، وأساسا أولائك العاملين بالأكاديميات الجهوية وبالمديريات الإقليمية (النيابات الإقليمية سابقا)، كما تم إقصاء المنتخبين أعضاء اللجان الثنائية المركزية، علاوة على إقصاء المتفرغين النقابيين…

علاقة بنفس الموضوع هل يمكن القول بأن علاقة النقابات التعليمية وصلت اليوم إلى الأبواب المغلقة بعدما تأخر بشكل كبير موعد لقاء النقابات مع الوزارة بشكل رسمي و مسؤول لتدارس مشاكل القطاع العالقة ؟

قد يكون من السابق لأوانه اعتبار أن العلاقة بين النقابات التعليمية والوزارة الوصية قد وصلت إلى الباب المسدود، لكنها قد تسير في هذا الاتجاه، وهو ما لا نتمناه، خصوصا إذا ظل الحوار الممأسس والمنتظم والمنتج غائبا، فهناك ملفات كبرى تستدعي الجلوس إلى طاولة الحوار في أقرب وقت: الإصلاحات “الكبرى” التي تباشرها الوزارة – دون إشراك المعنيين من مدرسين ومفتشين وموجهين وإداريين…- من قبيل التدابير ذات الأولوية والرؤية الاستراتيجية؛ النظام الأساسي لنساء ورجال التعليم؛ الإدارة التربوية؛ الحركة الانتقالية؛ المراقبة التربوية؛ منظومة التبريز…والملفات الفئوية المختلفة.

بالنسبة لكم في النقابة الوطنية للتعليم  ك د ش كيف تتابعون ملف النظام أو القانون الأساسي لنساء ورجال التعليم، وهل بالفعل لم يخرج في عهد هذه الحكومة و الوزير الحالي لارتباطه بالتزامات مالية ضخمة ؟ أم ماذا؟

أجل نحن في النقابة الوطنية للتعليم/CDT، نتابع ملف إخراج النظام الأساسي الجديد لنساء ورجال التعليم، والذي نعتبره حاجة ماسة لأجل إنصاف مختلف فئات الشغيلة التعليمية، بعدما استنفد النظام الحالي كل إمكانياته، وهو النظام الذي أضحت بعض مواده مكررة ست مرات؛ ومن المفارقات العجيبة أن إخراج النظام الأساسي هو أحد التدابير ذات الأولوية لدى الوزارة، لكن ذلك لم يترجم لديها إلى إرادة حقيقية لإخراجه. فقد باشرت لجنة وزارية مناقشة هذا الملف مع النقابات الأكثر تمثيلية منذ أكثر من ثلاث سنوات، حيث عقدت معنا العديد من الجلسات حول المبادئ العامة التي يجب أن ينبني عليها النظام الأساسي، وحول المقارنة مع بعض الأنظمة المماثلة الوطنية أو الدولية. ونحن نعتبر أن النقاش العام قد انتهى ولم يعد له أي مبرر، وننتظر منذ مدة من الوزارة أن تمدنا بمسودة حقيقية للنظام الأساسي الجديد، دون ذلك فكل عودة للنقاش العام هو سعي للالتفاف على حق الشغيلة في نظام أساسي عادل ومنصف يستجيب لتطلعات مختلف الفئات، بل ونعتبره موقفا لامسؤولا في الوقت الذي يتفق فيه الجميع على الحاجة إلى الإصلاح، ونتساءل عن أي إصلاح ممكن بدون إشراك العنصر البشري الذي يطلب منه تنفيذ الإصلاح، وتنزيله داخل الفصول الدراسية. وقد يفسر التلكؤ الرسمي في إخراج النظام الأساسي بتهرب الحكومة الحالية من كلفته المالية. وقد كان الوزير السابق محمد الوفا صريحا لما صرح لنا ذات يوم، في سياق الإجابة عن المطالبة النقابية بإخراج نظام أساسي جديد، بأنه مستعد لذلك لكن بصفر درهم.

المتتبع للوضع التعليمي  لا يمكنه إلا أن يتأسف على وضعية مجموعة من الفئات التعليمية التي لازالت تناضل بشكل مستمر لتحقيق مطالبها كفئة ضحايا النظامين و المساعدين التقنيين و أطر الإدارة التربوية بجميع أنواعها …هل كتب على هذا القطاع أن يبقى مشتعلا إلى أجل غير مسمى ؟

النقابة الوطنية للتعليم/CDT، منخرطة في جميع ملفات الفئات المتضررة، بالنضال في الساحة وبتقديم المقترحات لرفع الضرر لدى مختلف الفئات المتضررة:

ففي ملف ضحايا النظامين، فقد بذلنا جهدا كبيرا ووقتا طويلا لأجل إقناع وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، بالضرر الذي لحق جميع الذين وظفوا بأحد السلمين السابع أو الثامن والذين مازالوا يقبعون في السلم العاشر؛ وبعدما تم الإقرار بالضرر من لدن وزارة التربية الوطنية، تقدمنا بمقترح حل منصف ينبني على ترقية جميع المتضررين المعنيين ترقية واحدة استثنائية، خارج الكوطا، ولم يتم اعتماد مقترحنا، وقدمت الوزارة لباقي القطاعات الحكومية مشروعا ينبني على منح المعنيين سنوات جزافية لأجل الترشيح للترقي، وتستمر المعاناة ويتواصل الاحتجاج.  وفي شأن ملف الإدارة التربوية، فقد أعدت نقابتنا النقابة الوطنية للتعليم/CDT، ورقة متكاملة قدمناها في النقاش داخل اللجنة الموضوعاتية ذات الصلة خلال الموسم الدراسي الماضي 2014/2015، وهي ورقة تجيب على مختلف الأسئلة والإشكالات المطروحة آنذاك على أول فوج من أطر الإدارة التربوية المتدربين بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، وعلى تطلعات حوالي 18 ألف  من الأطر العاملة بالإدارة التربوية من حراس عامين ونظار ومديرين ومديري الدروس ورؤساء الأشغال، وأساسا تسمية الإطار الجديد (متصرف تربوي) وترتيبه في الدرجة الأولى على الأقل، والتعويض التكميلي الخاص بالإطار المحدث والتعويض عن المهام…علاوة على إعادة ترتيب الأطر الحالية في الإطار الجديد دون قيد أو شرط في الإطار الجديد لمن يرغب في ذلك…ورغم هذا المجهود ألاقتراحي الذي ساهمنا به، ورغم أن الوزارة وعدت بإصدار مرسوم يحدث وينظم الإطار الجديد قبل تخرج أول فوج، فها نحن أمام سابقة غير مسبوقة في التاريخ، فقد وجد 109 من الموظفين يشتغلون ولا اسم ولا إطار لهم، إنها حقيقة قمة الارتجال والعبث والتيه. وتستمر المعاناة ويتواصل الاحتجاج.

وفيما يخص المساعدين الإداريين والمساعدين التقنيين، فإننا نتصور أن أحد المداخل لإخراجهم من الوضع الذي هم فيه هو إدماجهم في النظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية، وإعادة ترتيبهم في درجات تحفزهم على العمل، بل وهي مناسبة لتحديد ساعات عملهم والتدقيق في مهامهم بما يتناسب مع قطاع التربية الوطنية، فالمساعد التقني مثلا محكوم بالنظام الأساسي الخاص بالمساعدين التقنيين، الذي يحدد له 6 مهام، وفي نفس الآن فهو ملزم ب 23 مهمة محددة في قرار وزير الوظيفة العمومية الخاص بالمساعدين التقنيين بالتربية الوطنية…في هذا الملف بالذات نحن في النقابة الوطنية للتعليم/CDT، متفائلون في إمكانية إدماج المساعدين الإداريين والمساعدين التقنيين في النظام الأساسي المنتظر لموظفي التربية الوطنية، ومن تم إمكانية معالجة العديد من مشاكل الفئة داخل قطاع التربية الوطنية. إن الوقوف عند بعض الفئات في سياق الجواب عن سؤالكم لا يعني أن باقي الفئات لا مشاكل لها، فنحن نراهن بقوة على إخراج النظام الأساسي الجديد لمعالجة العديد من الاختلالات والمشاكل والاستجابة لبعض المطالب  التي تهم باقي الفئات كالملحقين التربويين وملحقي الاقتصاد والإدارة، وأطر التوجيه والتخطيط، وأطر المراقبة التربوية…بل ونتطلع لمعالجة إشكالية المرسومين المشؤومين الذين يعصفان اليوم بسنة تكوينية تعني 10 آلاف أستاذ متدرب، ويهددان الدخول المدرسي المقبل، فنحن عازمون عند تناول شروط التوظيف لمدخلات قطاع التربية الوطنية في النظام الأساسي الجديد، أن نطرح إعادة ربط التوظيف بالتكوين وإرجاع ما سمي بالمنحة إلى طبيعتها كأجرة لأستاذ متدرب، وذلك سعيا لتثمين مهنة نبيلة كمهنة التدريس لتكون مهنة مغرية يتنافس على ولوجها خيرة شباب الوطن، وهو بالذات أحد مداخل الجودة المرجوة.

كثر الحديث منذ السنة الماضية و في بداية السنة الحالية حول، مشاريع الإصلاح (التدابير ذات الأولوية و الرؤية الاستراتيجية ) ، لكن نساء ورجال التعليم  يؤكدون أن لا جديد في ما يسمى إصلاحا للمنظومة والوضع لازال على ما هو عليه داخل الفصول الدراسية ولازال الأساتذة لا يعلمون بأية بيداغوجية يدرسون اليوم ، ما تعليقكم على الأمر ؟

حكاية إصلاح التعليم في المغرب تشبه إلى حد بعيد أسطورة سيزيف، إنها محاولات تتكرر ويتكرر معها الفشل، وذلك منذ كان المغرب المستقل، مما يتيح لنا أن نجزم بأن الغائب الأكبر لإصلاح التعليم هو الإرادة السياسية الحقيقية، وهو ما عبرنا عليه بوضوح في المؤتمر التاسع لنقابتنا في 15-16-17 يناير الماضي، والذي عقدناه تحت شعار:

” غياب الإرادة السياسية لدى الدولة لإصلاح التعليم يفرض مواصلة النضال من أجل:

مدرسة عمومية ديمقراطية ترسخ قيم العقل والحرية والتسامح؛

صيانة مكتسبات الشغيلة التعليمية وتحقيق مطالبها”

نحن في النقابة الوطنية للتعليم/CDT، النقابة التعليمية الأولى بالبلاد، لا ندعي بأننا نملك حلا سحريا لإصلاح التعليم بالبلاد، ونجزم بأن لا أحد يملك هذا الحل لوحده، لكننا نملك الشجاعة والجرأة الكافيتين  لنقول بأن الدولة لا تريد إصلاح التعليم، ونعتبر أن المدخل لمباشرة أي إصلاح للتعليم يمر عبر فتح حوار مجتمعي يساهم فيه جميع المغاربة من خلال ممثليهم في جميع الحقول السياسية والمدنية والحقوقية والاجتماعية، وحتى يدخل الإصلاح إلى فصول الدراسة، لا يجب إغفال إشراك المعنيين المباشرين بالتنفيذ من مدرسين ومفتشين وموجهين وإداريين، إشراكهم في وضع أسس الإصلاح وإشراكهم من خلال نظام أساسي منصف ومحفز يعيد لنساء ورجال التعليم المكانة الاعتبارية التي يجب أن تكون لهم في المجتمع، باعتبارهم يصنعون العنصر البشري الضروري لكل تنمية. فلا يمكن أن نتصور أي إصلاح للمنظومة بشغيلة تعليمية مشرذمة عبارة عن فئات من المتضررين من سياسات تعليمية لم تراكم سوى الفشل.


عن جريدة المساء
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-