حلّ "أزمة أساتذة الغد" .. بداية جديدة لانبعاث المجتمع المدني

بعد أن اشتدّت الأزمة بين الحكومة والأساتذة المتدربين الذين يطالبون بإسقاط المرسومين القاضيين بفصل التكوين عن التوظيف وتقليص قيمة المنحة، ظهرت المبادرة المدنية لحل مشكل "أستاذة الغد" من طرف عدد من الفاعلين من مختلف المجالات.

المبادرة التي ظهرت في منتصف يناير الماضي، انطلقت من أرضية تؤكد أن المراسيم التي غيرت طبيعة مهمة مراكز التكوين غير دستورية؛ ذلك أن المرسوم، عموما، لا يكون ساري المفعول قانونيا إلا بعد نشره في الجريدة الرسمية وليس فقط بعد إصداره، مشددة على أنها تسعى إلى إيجاد أرضية نقاش مشتركة للطرفين.

السياق الذي جاءت فيه المبادرة المدنية لحل مشكل الأساتذة المتدربين، اتسم بكون المبادرات التي تقدمت بها الأحزاب السياسية والنقابات كانت خجولة، ولم تشكل قوة اقتراحية يمكن أن يُعتد بها، سواء من قبل الحكومة أو الأساتذة المتدربين، قبل أن تتقدم أحزاب من المعارضة، على الخصوص، بمبادرة جديدة من أجل الخروج من الأزمة، واجهها رئيس الحكومة بالرفض.

ويرى الفاعل الجمعوي أحد أعضاء المبادرة المدنية لحل مشكل "أساتذة الغد"، صلاح الوديع، أن المبادرة "حاولت أن تسلك الحياد الايجابي والارتكاز على القانون ووضع حد لحالة الشد والجذب"، ليس من أجل إضعاف الدولة، وإنما للوقوف إلى جانب مطلب مشروع، مضيفا أن ذلك "يتطابق من دينامية تتفاعل في المجتمع تطلب طريقة للتعبير وإقرار الحقوق".

الوديع اعتبر، في تصريح لهسبريس، أن مثل هذه الاحتجاجات تعد ظواهر جديدة لا عهد للمجتمع بها، وهو أمر مرتبط بالتطورات على المستوى الذهني والقيم الناظمة للسلوك والدفاع عن المصالح الفئوية والاجتماعية على العموم، مشددا على أن ما قامت بها المبادرة المدنية ينسجم مع ماض قريب للمجتمع المدني الذي يسعى جزء كبير منه إلى أن يكون قوة اقتراحية في قضايا كبرى، مستشهدا على ذلك بالحركتين النسائية والأمازيغية والمنظمات الحقوقية المطالبة بوضع حد للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

وتابع المتحدث ذاته التأكيد على أن المجتمع المدني أصبح يبحث عن منافذ يعبّر من خلالها عن ذاته وطموحاته، ما جعله يتفاعل مع كل المراحل، خصوصا وأن الدستور أفرد دورا مهما للمجتمع المدني وأقر به، وإن كان ما يزال يتطلب نصوصا قانونيا من أجل توسيع أثره.
الوديع يرى أن دور المبادرة المدنية لا ينقص من دور الأحزاب السياسية والنقابات، بل يفتح مساحات جديدة ينبغي دعمها والاستجابة إليها، في سياق قد تتردد فيه الدولة عن التجاوب المطلوب مع قضايا اجتماعية.

بدوره، يرى محمد الهاشيمي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة مراكش، أن دور المجتمع المدني، بشكل عام، هو الوساطة ونقل مطالب المجتمع إلى صانعي القرار، مضيفا أن هناك فراغا على مستوى البنيات الحزبية التي من المفروض أن تترافع وتنقل المطالب وتمارس السلطة وتشتغل على البرامج التي على أساسها تتقدم للانتخابات.

تبعا لذلك، يقول محمد الهاشيمي، في حديث لهسبريس، "تبرز فعاليات مدنية ليس لها برنامج سياسي لتملأ الفراغ الحزبي"، مضيفا أن المسألة لا تتعلق فقط بالوساطة، وإنما "عودة المجتمع المدني، في إطار الوعي بضرورة التصدي للتوجهات النيوليبرالية، خاصة في مجال السياسات العمومية التي تتوجه فيها الدول إلى شرعنة دخول فاعلين غير منتخبين في تسيير هذه المجالات"، بتعبير الهاشيمي.

عن موقع هسبريس
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-