إصلاح نظام تقاعد الموظفين .. هل ثمّة بديلٌ لمشروع بنكيران؟

يوم 19 يناير الماضي حَسمَ رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، أمرَ المشروع الحكوميّ المتعلّق بإصلاح نظام تقاعد الموظفين العموميين، وأحالَ خمسة مشاريع قوانين تخص أنظمة التقاعد على مجلس المستشارين، بعد مصادقة الحكومة عليها يوم 07 يناير.

لكنَّ النقاشَ حوْلَ هذا الموضوع ما زالَ مُحتدما، في ظلّ رفْض النقابات العُمّالية للمشروع الحكومي، الذي تَعتبرُ أنّه ستكون له تداعيّات سلبيّة على المنخرطين وعلى المتقاعدين. لكنَّ رئيسَ الحكومة تجاهل اعتراض النقابات، وأصرَّ على تنزيل مشروعه لإصلاح نظام تقاعد الموظفين العموميين في السنة الأخيرة من عمر ولايته الحكومية.

وفي خضمِّ تباعُد مَوقفيْ الطرفين (الحكومة والنقابات العمالية) حوْل مشروع إصلاح نظام التقاعد، وتمسُّك كل طرفٍ بموقفه، يُطرحُ سُؤالُ هلْ هناك حلول بديلة للمشروع الحكومي، لإنقاذ الصندوق المغربي للتقاعد، الذي تقولُ الحكومة إنّه يقتربُ من حافة الإفلاس، بسبب الاختلالات التي يعاني منها؟.

بالنسبة إلى يوسف علاكوش، الكاتب العامّ للجامعة الحرّة للتعليم، وعضو الاتحاد العامّ للشغالين بالمغرب، فإنَّ أيَّ إصلاح لنظام التقاعد في المغربِ يجبُ أنْ يكون شاملا لجميع صناديق التقاعد، ولا ينبغي الاقتصار على الصندوق المغربيّ للتقاعد وحده، الذي يصرفُ معاشات موظفي القطاع العام.

وكانتْ هذه إحدى النقاط التي طرحتْها النقابات العمّالية، لكنَّ الحكومةَ لمْ تأخذ بها، وفضّلت المُضيّ في "إصلاح" الصندوق المغربي للتقاعد دونَ بقيّة الصناديق. وفسّر علاكوش ذلك بكون فتْح ورْش إصلاح باقي أنظمة التقاعُد يحتّمُ على الحكومة مواجهة طرف آخر، وهو "الباطرونا".
"الحكومةَ لا تريدُ مشاكلَ مع أرباب العمل، لذلك تفضّل إصلاح نظام التقاعد المتعلق بموظفي القطاع العام وحده، لأنّ هذه الفئة هي الأقلّ حماية، وتعتبر نفسها صاحبةَ القرار عليها، باعتبار أنّها هي المُشغّل"، يقول علاكوش.

واعتبرَ المتحدّث ذاته أنَّ الاقتصار على الصندوق المغربيّ للتقاعد هو "استهداف لكتلة الأجور"، موضحا أنَّ تمديد سنّ تقاعد الموظفين يعني تقليص عدد المناصب المالية في القطاع العامّ، وهُوَ ما يعني أنَّ البطالة ستُراوحُ مكانها.

النقطة الثانية التي يرى فيها عضو نقابة الاتحاد العامّ للشغالين بالمغرب "استهدافا" لأجور موظفي القطاع العام هي زيادة نسبة الاقتطاع من الأجور، قائلا: "في الوقْت الذي نطالبُ برفع الأجور لتحسين القدرة الشرائية للموظفين، تسعى الحكومة إلى زيادة نسبة الاقتطاع منها".

وترى النقابات العمّالية المعارضة لمشروع الحكومة أنَّ الإجراءات التي جاءَ بها بنكيران سيتضرّر منها موظفو القطاع العام، وستؤثر على قدرتهم الشرائية، باعتبار رفْع مساهمتهم في قيمة الانخراط في الصندوق المغربي للتقاعد، واحتساب معدّل أجر 8 سنوات الأخيرة، وهو ما سيؤدّي إلى انخفاض قيمة المعاشات.

ومن بيْن اقتراحات النقابات العمّالية توسيع وعاء التوظيف في الوظيفة العمومية، لكنّ الحكومة ترى أنّ ذلك سيؤدّي إلى تضخّم كتلة الأجور. وفي هذا السياق قال علاكوش إنَّ هذا غير صحيح، معتبرا أنَّ الإشكال يكمن في الأجور العالية للمدراء والمسؤولين الكبار.

وأوضح المتحدّث ذاته أنَّ هذه الفئة من الموظفين تمثل نسبة قليلة، لكنّها تحصل على أجور عالية، "وامتيازات خيالية"، مضيفا أنَّ ما يجبُ على الحكومة أن تقوم به هُو معالجة الفوارق الكبيرة بين المدراء والمسؤولين وباقي الموظفين "الصغار".

واعتبرَ علاكوش أنَّ توسيعَ وعاء التوظيف في القطاع العام يُعتبر حلّا لتفادي أيّ عجز في الصندوق المغربي للتقاعد، لافتا إلى أنّ الحكومة "أعدّتْ مشروعها خارجَ إطار الحوار الاجتماعي، ولو كانَ هناكَ حوارٌ لوجدْنا بدائل أخرى تكون في مصلحة الجميع"، على حدّ تعبيره.

عن موقع هسبريس
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-