هل ستتراجع الحكومة عن مرسوم فصل التكوين عن التوظيف؟

ما زال ملف الطلبة المتدربين في مهن التربية والتكوين، الذين اختاروا التصعيد ضد مرسومي وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، رشيد بلمختار، القاضيين بفصل التكوين عن التدريب وتقليص المنحة بما يقارب النصف، يخلق المزيد من الجدل القانوني حول إمكانية تراجع الحكومة من عدمه، وبالتالي توظيف المتدربين بعد انتهاء التكوين، أو إجراء المباراة.

ويمنع مرسوم الحكومة خريجي المراكز من التوظيف المباشر دون إجراء مباراة، ذلك أن "شهادة التأهيل التربوي التي يتحصل عليها الطالب نهاية سنة التأهيل والتكوين ستتيح له المشاركة في مباريات توظيف الأساتذة لا غير، وذلك حسب الحاجيات وعدد المناصب المالية"، وهو ما أثار موجة من الاحتجاجات من قبل الدفعة الأولى من الطلبة.

الدكتور عثمان كاير، الباحث في الاقتصاد الاجتماعي، يرى، في تصريح لهسبريس، "أن الدولة متحررة من توظيف هؤلاء الخريجين، بعد نهاية تكوينهم في مراكز مهن التربية الوطنية إلا بمباراة"، كاشفا "أنهم وقعوا على محاضر الالتحاق بالتكوين كطلبة، وليس كطلبة أساتذة".

وجوابا على سؤال للجريدة حول إمكانية التراجع عن المرسوم الحكومي، قال كاير، "إذا تراجعت الحكومة لابد من رصد مناصب مالية عبر ما يتوفر عليه رئيس الحكومة"، مؤكدا أن "هذا العدد في حال عدم توفره كلية، فإن الحكومة ستكون مطالبة بمقتضى تعديلي لقانون المالية أو تحويل مناصب إدارية إلى الأساتذة".

وفي الوقت الذي يرى فيه أستاذ الاقتصاد أن التكلفة المالية سترتفع مقارنة مع ما هو موجود حاليا، سجل "أن المرسوم يندرج في إطار مقاربة جديدة لتدبير موارد الدولة في القطاع العام"، واعتبر "أن هناك تحولا في تعاطي الدولة مع الوظيفة العمومية، الأمر الذي سيؤسس لمنطق التعاقد عوض التوظيف".

توجُّه الأستاذ الباحث في الاقتصاد الاجتماعي هو المنحى نفسه الذي سار فيه الدكتور عبد الحفيظ أدمينو، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، الذي أوضح أن "هناك تغيرات في تدبير الدولة للوظيفة العمومية، ومنها مبدأ تعويض الوظيفة بالتعاقد".

وقال أدمينو، في تصريح لهسبريس، "هذا اختيار جاء لملاءمة سوق الشغل مع التكوين الذي تقوم به الدولة"، مبرزا أن "الدولة تكوّن والطالب يبحث بنفسه عن الشغل سواء في القطاع العام أو الخاص".

"العلاقة القانونية التي ستربط الدولة بالمكونين هي التكوين وجودته، والتوظيف سيظل مرتبطا بالمناصب المالية، وضرورة إجراء المباراة"، يقول أستاذ القانون الدستوري لهسبريس، الذي أكد أن "هذا اختيار استراتيجي للدولة، مفاده التعاقد يعوض نظام التوظيف".

وشدد المتحدث نفسه على أن إحداث المناصب المالية اختصاص حكومي، وتعويض التوظيف بالتعاقد خيار حكومي دشنه رئيسها مع المعطلين الموقعين على محضر 20 يوليوز، مسجلا أن "التراجع عن المرسوم يبقى قرارا سياسيا تفرضه موازين القوى".

وأبدى أدمينو أسفه لكون هذه الثقافة الجديدة غير مواكبة باتفاق قبلي، لأن هناك تحولا تعيشه الدولة، مستبعدا أن يتراجع رئيس الحكومة عن مرسومه "لأنه ستكون له تكلفة مالية، لذلك لن يرهن الحكومة المقبلة، وهذا الأمر أصبح خيارا للحكومات وليس الأحزاب، لأن هناك التزامات للمغرب مع المؤسسات المالية الدولية".

جدير بالذكر أن المرسوم ينص على "تنظيم مباراة لفائدة المرشحين الحاصلين على شهادة التأهيل التربوي للتعليم الأولي والتعليم الابتدائي، وشهادة التأهيل التربوي للتعليم الثانوي الإعدادي، وشهادة التأهيل التربوي للتعليم الثانوي التأهيلي، المسلمة من المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين".

عن موقع هسبريس
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-