الرميد يفتح ملف مليارات البرنامج الاستعجالي والفرقة الوطنية تباشر الاستدعاءات

فتح وزير العدل والحريات ملف فضائح التعليم والاختلالات الخطيرة التي رافقت تدبير صفقات بالملايير، همت بالأساس صفقة العتاد الديداكتيكي التي كشفتها تسجيلات هاتفية مسربة، ما قد يعبد الطريق لفتح ملف صفقات أخرى متعلقة ببرنامج «جيني»، وأسطول سيارات الوزارة المرتبط بالبرنامج، ومصاريف مكاتب الدراسات.
و باشرت الفرقة الوطنية الاستدعاءات في هذا الملف بعد أن أحيلت عليها الشكاية التي توصل بها وزير العدل، والتي طالبته، بصفته رئيسا للنيابة العامة، بإصدار تعليمات إلى الشرطة القضائية المختصة، لفتح بحث عميق وواسع بخصوص مضمون وفحوى مكالمات هاتفية مسربة منسوبة للتيجانية فرتات، المديرة السابقة لأكاديمية الرباط، تتضمن وجود شبهة اختلالات كبيرة تعتري تدبير الملايير الخاصة بتنزيل وتدبير البرنامج الاستعجالي .
ومن المتوقع أن تكون عناصر تابعة للفرقة الوطنية استمعت، أمس، لمحمد الغلوسي باعتباره رئيسا للجمعية المغربية لحماية المال العام التي تقدمت بالشكاية، في خطوة سيليها استدعاء باقي الأطراف المرتبطة بهذا الملف الذي جعل الوزارة مضطرة لتحريك المفتشية العامة للقيام بافتحاص في بعض الأكاديميات والنيابات، بعد الحديث عن معدات بالملايير تم ركنها في المستودعات لعدم قابليتها للاستغلال، فيما اختفت أخرى في ظروف مجهولة.
وكشفت مصادر مطلعة أن البحث في هذا الملف الذي يعد أكبر فضيحة في تاريخ التعليم بالمغرب قد يطال عددا من الأسماء والشخصيات التي كانت مسؤولة عن اقتناء المعدات من شركات وردت أسماؤها في التسريبات الهاتفية، إضافة إلى أن البحث قد يشمل مديري أكاديميات تقاعدوا، أو انتقلوا لتقلد مناصب أخرى، من بينهم اسم أصبح يتولى منصبا في السلطة.
وأكد الغلوسي، في اتصال هاتفي مع «المساء»، أن هذا الملف يعكس فضيحة فساد خطيرة، كشفت استغلال البعض لمواقع القرار من أجل الاغتناء غير المشروع وتحقيق مصالح شخصية، وقال «نحن نحذر من أي انحراف قد يطال هذا الملف، ونريد أن يذهب التحقيق والبحث إلى أبعد مدى، وأن يشمل كافة المتورطين بغض النظر عن مواقع المسؤولية».
ونبه الغلوسي إلى أن المكالمات الهاتفية المسربة يجب أن تكون «موضوع بحث معمق بحكم أنها صادرة عن مسؤولين، منهم مدراء أكاديميات ونواب للوزارة، كما تتضمن وقائع خطيرة تكتسي صبغة جنائية، وبالتالي فالبحث فيها يجب أن يفتح، وأن يصل إلى كل الرؤوس المتورطة»، وقال «نحن نحذر من أن يتم اختصار الملف في تقديم بعض الموظفين الصغار كأكباش فداء للتستر على المتورطين الحقيقيين».
وكانت الشكاية طالبت بالاستماع إلى إفادات وتوضيحات رشيد بلمختار، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، بخصوص ما ورد في المكالمات الهاتفية، وكذا الاستماع إلى بعض مديري الأكاديميات الذين وردت أسماؤهم في المكالمات الهاتفية إضافية إلى نوابهم وبعض الموظفين بوزارة التربية الوطنية.
ونبهت الشكاية إلى ورود أسماء يفترض أنها لمديري أكاديميات ونوابهم إلى جانب رجال أعمال أجانب لهم علاقة بجلب معدات مستعملة لإعادة تدويرها في صفقات البرنامج مقابل عمولات ورشاوى على أساس أنها جديدة ومستوردة من الخارج، كما وردت أسماء مسؤولين كبار بالوزارة الوصية، ضمن هذه التسجيلات الهاتفية التي تدور في مجملها حول صفقات أجريت في إطار تنزيل البرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم، الذي أنفق عليه حوالي 50مليار درهم.
ويتزامن هذا التطور مع الترقب الذي يسود كل الأوساط المتتبعة للشأن التعليمي بشأن نتائج الافتحاص الداخلي الذي قامت به وزارة التربية الوطنية بعد هذه الفضيحة، في ظل تخوفات حقيقية من أن يكون مآله مثل مصير تقييم البرنامج الاستعجالي.
وربطت مصادر مطلعة هذه التخوفات بتكليف بعض ممن أشرفوا على مشاريع البرنامج بإجراء افتحاص لما قاموا به في تناقض صارخ، وازدواجية تجمع بين مهمة المراقبة والتنفيذ، وهو ما سيؤثر بالسلب على أي عملية افتحاص أو تفتيش.

عن جريدة المساء
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-