الداودي: طغيان السياسة يعوق تقدم البحث العلمي في العالم العربي

قال وزير التعليم العالي والبحث العلمي، لحسن الداودي، إن الجانب السياسي يطغى على الجانب العلمي على مستوى العالم العربي، مما يشكل عائقا كبيرا أمام تقدم البحث العلمي، مضيفا أنه ثمة غياب للتنسيق في مجال البحث العلمي على مستوى العالم العربي.
الداودي انتقد، في حوار مع وكالة الأناضول، ما قال إنه “غياب للتنسيق بين الدول العربية في مجال البحث العلمي”، مضيفا أن الرباط دعت وزراء البحث العلمي والتعليم العالي في كل من مصر وتونس والأردن إلى وضع برنامج مشترك للتعاون.
واعتبر أن الحكومة، التي يقودها حزب العدالة والتنمية، نجحت في تحقيق الاستقرار في المملكة المغربية، لكن أمامها مشاكل يجب تجاوزها.
وأعرب لحسن الداودي عن أمله في أن تخصص الحكومة للبحث العلمي أكثر من 1% من إجمالي الناتج المحلي وهي النسبة المخصصة حاليا، معتبرا أن المهم حاليا هو إنفاق هذه الميزانية حسب أولويات البحث العلمي، منتقدا عدم الاهتمام بالبحث العلمي في وقت سابق بالمملكة.

قبل أقل من 3 أشهر من الانتخابات المحلية وأقل من عام على الانتخابات التشريعية.. كيف ترى حصيلة الحكومة؟
أظن أن الاستقرار هو أكبر عنصر تم تحقيقه، ومن علاماته تدفق الاستثمارات الأجنبية على البلاد.. التوجه جيد جدا، لكن أمام الحكومة مشاكل يجب تجاوزها، والحكومة لديها رغبة أكيدة لتجاوزها.
(الاستثمارت المباشرة في المغرب خلال عام 2014 بلغت 28.4 مليار درهم (حوالي 3 مليارات دولار أمريكي)، بحسب تقرير لمكتب الصرف المغربي، وهي المؤسسة المكلفة بإحصاء التبادل التجاري والاقتصادي للمغرب مع الخارج، صدر منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي)

ما هي أبرز هذه المشاكل ؟
أكبر مشكلة هي جودة التكوين (التأهيل)، فلابد من رفع هذه الجودة، بعد أن قضينا على المشاكل على مستوى القوانين والضرائب بشأن الاستثمارات الأجنبية بالبلاد.
يجب أن تمتلك البلاد طاقات قادرة على منافسة دول أخرى، فجلب الاستثمارات مبني على بناء الإنسان، ونحن بصدد إعادة النظر في التكوين، وهو لن يؤتي أكله على المدى القصير.
ورغم كل ما يقال مثلا عن أن المهندسين المغاربة مطلوبين داخليا وخارجيا، إلا أنه لابد من التطوير والانفتاح على تعلم اللغات الأخرى.. على الشباب المغربي تعلم الإنجليزية؛ فالمستثمر الأجنبي، سواء كان يابانيا أو صينيا أو ألمانيا، ليس بضرورة يتحدث العربية أو الفرنسية (اللتين يتحدثهما المغاربة)، فلغة الاستثمارات والتجارة هي الإنجليزية.

ما هي حصيلة البحث العلمي بالمغرب خلال ثلاث سنوات ونصف من عمر الحكومة ؟
البحث العلمي عنصر أساسي لتنمية البلاد، لكن الموارد المالية التي تم صرفها على البحث العلمي لم تمثل حافزا للباحثين.

وكم تخصص الحكومة للبحث العلمي من الناتج المحلي الإجمالي؟
أقل من 1 %، لكن المغرب لم يدخل غمار حرب النجوم والعتاد العسكري المتطور. فمثلا الهند تخصص أقل من 1% من الناتج المحلي الإجمالي للبحث العلمي، لكنها متقدمة في ميادين كبيرة. لدينا مشكلة في الأولويات وأين يتم توجيه الإنفاق في مجال البحث. فإذا تم توجيه هذه النسبة بحسب الأولويات ستعطي نتائج كبيرة. بينما الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، التي تعرف تنوعا في مجالات البحث العلمي، تخصيص 2% أو 3 % للبحث العلمي من إجمال الناتج المحلي، وهي غير كافية بالنسبة إليهما. يمكننا الاستفادة من التمويلات الأوروبية المخصصة للتعاون البحثي، علما أن الميزانية المخصصة هي 80 مليار يورو خلال السنوات السبع المقبلة، وهذا يعني أن للباحث المغربي موارد مالية كبيرة. (تبلغ الميزانية الحكومية للبحث العلمي 639 مليون درهم، أي حوالي 72 مليون دولار أمريكي، لعام 2015، بحسب تصريح للوزير في دجنبر 2014).

هل يمكن أن تخصص الحكومة للبحث العلمي أكثر من 1% من الناتج المحلي ؟
نأمل ذلك، فكل بلد يعمل على زيادة الميزانية المخصصة لكل المجالات، لكن الظروف المالية هي التي تحدد إمكانية كل بلد.. والسؤال هو هل نستعمل الميزانية المخصصة للبحث العلمي بحسب الأولويات، وهل نستفيد منها بشكل جيد ؟.. لابد من إعادة بناء منظومة البحث العلمي، ويمكن تعويض غياب الموارد المالية عبر التعاون الدولي.
المشكلة هي عدم الاهتمام بالبحث العلمي في وقت سابق بالبلاد، واليوم نسعى إلى تطوير جامعات البلاد.. لدي يقين بأنه إذا كانت النتائج إيجابية، فستخصص الحكومة ميزانية أكبر للبحث العلمي. – لكن هناك من يرى أن الدول الغربية لا تريد أن تشارك التقنية والبحث العلمي مع دول الجنوب.. هذا الطرح تم تجاوزه، فالجامعات الفرنسية والإسبانية تتعاون مع نظيراتها المغربية في عدة مجالات.. نشتغل على مجالات يشتغلون عليها في أوروبا، مثل الطب والكيمياء والفيزياء.. طبيعي أن ترفض بعض الدول فتح مختبراتها أمام دول أخرى في عدة مجالات. لكن مجال التعاون نسبيا مفتوح أكثر من الماضي.

وهل من تنسيق بين الدول العربية على مستوى البحث العلمي ؟
للأسف ليس هناك تنسيق، لكن ممكن أن يكون هناك تعاون بين بعض الدول، مثل تونس ومصر.. بادرنا إلى دعوة وزراء البحث العلمي في مصر وتونس والأردن إلى وضع تصور لبرنامج تعاون في مجال البحث العلمي، على أمل أن تنخرط دول أخرى في هذا التوجه.

ألا يساهم غياب التنسيق في تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في العالم العربي ؟
هذا طبيعي، فليس هناك دولة عربية قوية بينما مواردها المالية غير كافية على مستوى البحث العلمي، والحل في التعاون، وأظن أن الجانب السياسي يطغى على الجانب العلمي، وهذا يشكل عائقا كبيرا أمام تقدم البحث العلمي. فالصراعات السياسية بين بعض الدول العربية لا تساهم في عقد شراكات في مجال البحث العلمي، إضافة إلى الصراعات السياسية داخل بعض الدول العربية، والتي تؤثر سلبا على تقوية البحث العلمي.
 
وكالة الأناضول
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-