الأساتذة المجازون المكلفون خارج أسلاكهم الاصلية

توطئة:
تعتبر ظاهرة تكليف أساتذة التعليم الابتدائي و الإعدادي بالتدريس خارج إطارهم الأصلي أي بالثانوي بسلكيه الإعدادي و التأهيلي من الظواهر المستحدثة على الساحة التربوية بمختلف أقاليم المملكة.


و هي وضعية أصبحت تلجأ لها الادارة لسد الخصاص الحاصل على مستوى أساتذة مختلف المواد المدرسة بالثانوي بسلكيه، هكذا استطاعت الادارة ان تجد حلا لمختلف أشكال تعثرات الدخول المدرسي بإصدار تكليفات لأساتذة تعتبر غالبيتهم من ذوي وضعية الفائض على مستوى مؤسساتهم الأصلية، أو من بين الأساتذة الذين سبق لهم أن كلفوا بمهمة التدريس بالثانوي و تشمل هذه التكليفات أساتذة التعليم الابتدائي و الإعدادي الحاصلين على إجازة تعليمية في المادة التي يكلف بتغطية الخصاص فيها. على سبيل المثال: التربية الإسلامية، اللغة العربية، الفلسفة، الاجتماعيات، الفرنسية، الفيزياء، العلوم الطبيعية، و الرياضيات، و أيضا اللغات كالانجليزية و الإسبانية إضافة إلى الإعلاميات و غيرها من التخصصات... مع العلم أن معيار اختيار هؤلاء الأساتذة قائم على أساس الكفاءة و الخبرة المتراكمة لديهم.


كما تجدر الإشارة إلى أن أساتذة التعليم الابتدائي و الإعدادي المجازين برهنوا خلال ممارستهم للمهام الموكولة إليهم على كفاءات مهنية تربوية و بيداغوجية جد عالية بشاهدة زملائهم في العمل، مدرائهم، مفتشيهم و مرشديهم التربويين.


إضافة إلى أنهم ضخوا دماء جديدة، إلى جانب الأساتذة الرسميين بالمؤسسات، انعكست على مردودية المؤسسات و اشعاعها التربوي و الثقافي...، هكذا نجد هؤلاء الأساتذة المكلفين قد ساهموا بفاعلية في تنشيط أندية المؤسسات كما ساهموا خلال أنشطة الدعم التطوعي التي تنظمها مجالس تدبير هذه المؤسسات.


و للإحاطة علما فظاهرة التكليف هذه لا تكلف الإدارة سواء المركزية، الجهوية أو المحلية أي ثقل مادي يمكنه أن يرهقها و يخل بالتوازن المالي لمختلف هذه الهيئات التابعة لوزارة التربية الوطنية و التعليم العالي و تكوين الاطر و البحث العلمي، هذا مع العلم ان عددهم يتزايد سنة بعد أخرى، نتيجة ارتفاع عدد متمدرسي التعليم الثانوي الإعدادي و الثانوي التأهيلي، خصوصا مع شعارات " محاربة الهدر المدرسي"، إلزامية تعميم التعليم والجودة في التعليم وهكذا نجد أن عدد المكلفين في بعض المدن يقارب 160 و يمكن للوزارة التأكد من ذلك بإجراء احصائياتها.


و من بين الاقاليم التي عاشت، و تعيش هذه الظاهرة (أي ظاهرة التكليف) هناك: إقليم آسفي و يتراوح عدد المكلفين به حوالي 160 مكلفا. و أيضا إقليم الناظور بحوالي 100 مكلف و الراشدية حوالي 27، الصويرة حوالي 100 و قلعة السراغنة،، و ورزازات، تزنيت، تارودانت، مراكش، الجديدة، الدار البيضاء، سلا، الرباط، تاونات... و جل أقاليم المملكة يعيش أساتذتها (في الابتدائي و الإعدادي) المجازين و المكلفين بالتدريس بإطارات غير اطاراتهم الأصلية، وضعا مزريا يؤثر ثأتيرا سلبيا على معناويتهم، و على رغبتهم في تقديم تضحية نعتز بتأديتها بتفان ألا و هي تضحية من أجل تلاميذ الشعب المغربي الذين وجدوا أنفسهم في وقت من الاوقات بدون أساتذة لإحدى المواد أو اكثر، مع العلم أن هناك مؤسسات لازالت لحد الآن لا تدرس بها إحدى المواد للتلاميذ نظرا لعدم وجود أستاذ لهذه المادة ( مادة الفلسفة بالدار البيضاء- الجذوع المشتركة كمثال، و مثال من آسفي بخصوص مادة الفرنسية بالنسبة للسنة الأولى بكالوريا – و الفيزياء و الرياضيات بالنسبة للجذوع المشتركة).


و هذا ما حدا بمجموعة من جمعيات آباء و أولياء التلاميذ إلى التنديد بهذا الحيف الذي يطال فلذات أكبادهم.


كما أن هذا الخصاص لازال قائما و نذكر على سبيل المثال: نيابة آسفي، الخصاص بها حوالي 60 أستاذا و ورزازات حوالي 200 أستاذ في مختلف التخصصات..... و هذا ما دفع الوزارة تحت ذريعة المخطط الاستعجالي إلى اللجوء إلى التوظيف المباشر دون تكوين، و أيضا إجراء مباريات يتم إلحاق الناجحين بها مباشرة الى التدريس بالأقسام وسط الموسم الدراسي الحالي .

أمام هذا الوضع تجد الفئة السالفة الذكر نفسها بين المطرقة و السندان، فهي تسدي خدمات جليلة لصالح الإدارة و لصالح التلاميذ بصمت و تفان، و في نفس الوقت محرومة من أبسط حقوقها، ألا و هو حق الاعتراف بها، ومحاولة العمل على إدماجها في إطار أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي إسوة بباقي الفئات التي استفادت من تغيير الإطار، و خصوصا حملة الشواهد العليا.


مع العلم ان المرسوم 371 .08. 02 الصادر عن وزارة تحديث القطاعات العامة يقضي بالسماح لحملة الإجازة بتغيير الإطار إلى أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي الدرجة 2.
و هنا لابد من التذكير أن شرط ولوج المدارس العليا للأساتذة هو التوفر على إجازة تعليمية، الأمر الذي يتوفر لدى أساتذة التعليم الابتدائي و الاعدادي المجازين و المكلفين بالتدريس بإطارات غير اطاراتهم الأصلية، إضافة إلى انهم تمرسوا على العملية التعليمية لمدة زمنية أهلتهم لمراكمة خبرات و تجارب أصبحوا قادرين معها على إيجاد حلول لوضعيات مشكلة في اداء مهامهم التربوية الهادفة. كما أنهم تلقوا تكوينا تربويا بمراكز التكوين (CFI – CPR)

المشاكل المترتبة على الوضعية الجديدة لأساتذة التعليم الابتدائي و الاعدادي المجازين المكلفين بالتدريس بالثانوي بسلكيه الإعدادي و التأهيلي

إن الوضع الذي تم تشخيصه خلال التوطئة قد أفرز عدة مشاكل أصبحت تفرض وضع تصور ناضج لإيجاد صيغ قانونية و تنظيمية تراعي الخدمة التي قدمها هؤلاء الأساتذة لفائدة الإدارة، في وقت كانت فيه في أمس الحاجة إلى أطر تسد الخصاص وتلبي مطلب محاربة الهدر المدرسي وتعميم التعليم. و من بين هذه المشاكل نرصد الآتي :


1. مشاكل ذات طبيعة إدارية : مرتبطة بالوضعية النظامية إزاء الإدارة، إذ أن إطار الفئة موضوع التشخيص، هو إطار أساتذة التعليم الابتدائي والإعدادي ومكلفون في نفس الوقت بالتدريس بالثانوي بسلكيه، كما أن توقيع محضر الدخول والخروج يتم دائما بالمؤسسة الأصلية لهذه الفئة عوض المؤسسة التي يمارسون بها مهامهم.
إن الفئة موضوع التشخيص محرومة من نقطة التفتيش طيلة المدة التي أسند إليها التكليف بمهمة، مع العلم أن زملاءهم بالسلك الأصلي تجاوزوا هذه الصعوبة لأن وضعهم إداريا يسير بوثيرة عادية، الأمر الذي قد يعوق عملية ترقي الأساتذة المكلفين سواء بالاختبار أو بالامتحان المهني، لأن هؤلاء الأساتذة المكلفون يدرسون مواد وفق منهجيات مخالفة لمنهجيات تدريس المواد الدراسية الخاصة بالابتدائي.


إضافة إلى حرمانهم من الحصول على نقطة الامتياز بغرض المشاركة في الحركة الإدارية هذا مع العلم أن مفتشي التعليم الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي ليس لهم الاختصاص القانوني لتفتيش هؤلاء الأساتذة (أي أساتذة التعليم الابتدائي و الإعدادي المجازين المكلفين بالتدريس خارج إطارهم الأصلي) رغم أنهم يعترفون بالمجهودات المبذولة من قبلهم ككفاءات لا تعاني أي مركب نقص خلال عملها التعليمي الاعتيادي.
إضافة إلى هذه المشاكل الإدارية هناك وضعية يعيشها الأساتذة المكلفون وهي أنهم يعانون من وضعية فائض بإيعاز من الإدارة بغرض وضعهم رهن إشارة النيابات الإقليمية لسد الخصاص الذي تعانيه المؤسسات التعليمية التابعة لترابها الإقليمي.
أو أنهم يكلفون بمهمة التدريس بالثانوي بسلكيه أو نظرا لكونهم برهنوا على عالية مشرفة للجميع بالمؤسسات التي تعيش حالة خصاص في الأساتذة، وأن التقاير المرفوعة عنهم تثبت كفاءتهم المهنية في شغل هذا الخصاص.


2. مشاكل ذات طبيعة اجتماعية :


إن الفئة موضوع التشخيص هي فئة أسدت، كما سبق الذكر، خدمات جليلة لفائدة الإدارة ومع ذلك فهي مهددة بالرجوع إلى مؤسساتها الأصلية حالما ينتهي أجل التكليف بمهمة، كما أن هناك من قضى عدة سنوات مكلفا بمهمة التدريس بالثانوي بسلكيه، وهذا أمر يهدد استقرار أسر هذه الفئة، ويخل بتوازنها المالي،علما ان هناك حالات من الأساتذة كلفت لمدة تفوق 10 سنوات.


التهديد بالرجوع إلى المدرسة الأصلية معناه باختصار، بالنسبة لهذه الفئة، إرغامها على الرجوع إلى وضع سابق تم تجاوزه، وهذا يترك أثرا نفسيا عميقا يصعب إستعابه لدى هذه الفئة، كما أنه يعيد خلخلة البنية التربوية للمؤسسات التي كانت تعرف استقرارا خلال الفترة التي كان فيها الأستاذ مكلفا، كما أن عودته تشكل مطبثا غير محفز لزملائه الذين يتذكرون تنكر الإدارة لخدماته.


إن الأساتذة المكلفين لم يتلقوا أي تعويض عن المهمة التي كلفوا بها، طيلة هذه المدة، الأمر الذي جعل وضعهم المادي غير قابل لتحمل تبعات مالية إضافية، خاصة، مصاريف التنقل من جديد إلى مقرات عملهم الأصلية.


3. مشاكل ذات طبيعة نفسه / معنوية :


لا أحد ينكر أن مجرد تنكر الإدارة للخدمات التي أدتها شريحة أساتذة التعليم الابتدائي و الإعدادي المجازين المكلفين بالتدريس بالثانوي بسلكيه، و إرغامها على العودة إلى وضع سبق تجاوزه، هو أمر له تبعات نفسية، من دون شك، ستؤثر على مردود يتهم وعلاقتهم بزملائهم.


إن مجرد أن يكون الأستاذ مكلفا بمهمة في مؤسسة ومرتبط قانونيا بمؤسسته الأصلية معناه غياب استقرار معنوي، وشعور بالتهديد الدائم الذي ينتظره من الإدارة في أي وقت انتهت فيه مهمة تكليفه.


أمام هذه المشاكل وغيرها، يراود فئة أساتذة التعليم الابتدائي و الإعدادي المجازين المكلفين بالتدريس خارج إطارهم الأصلي، هواجس تؤرقهم لذلك يوجهون ندائهم إلى كافة المسؤولين بضرورة وضع حل منصف وعادل لهذه الفئة على غرار باقي الفئات التي قدمت خدمات تقل في مضاهاتها للخدمات التي تقدمها الفئة موضوع التشخيص.
فالكل يعلم أن الوزارة وجد حلا منصفا لفئة الأساتذة أو من كانوا يسمون بالمعلمين العرضيين و أدمجتهم في سلك الوظيفة العمومية وسوت وضعهم ماديا و إداريا.
كما أنها أدمجت أساتذة التعليم غير النظامي و ألحقتهم بالسلك النظامي ليكتسبوا على إثره كافة الحقوق التي تضمنها القوانين المعمول بها.


دون أن ننسي التوظيفات المباشرة لحملة الشواهد العليا بامتيازات تفوق كل تصور إذ أنهم عينوا من البداية وبدون أي تكوين بالثانويات التأهيلية و باستحقاقات ماليا جد مكلفة (السلم 11) كما أنها عملت على إدماج الأساتذة الذين كانوا يزاولون مهامهم في إطار الخدمة المدنية (الأفواج من 1986 إلى 1994) كما أنها سوت وضعهم ماليا و إداريا بأثر رجعي مع احتساب الخدمة المدنية ضمن الاقدمية العامة للإطار الجديد.
ومع بداية تنفيذ المخطط لاستعجالي لجأت الوزارة إلى التوظيف المباشر و أيضا إدماج مجموعة من المجازين بعد اجتيازهم لمباراة ضمن فئة أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي مباشرة بدون تكوين في (السلم10)، وهذا ما شكل تهديدا لمصالح فئة المكلفين الذين اعتبروا أن هذا سلوك ينافي وشعارات "جودة التعليم" كما أنه تنكر للجميل الذي قدمته الفئة موضوع التشخيص.


هذا دون إغفال ما أقدمت عليه وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي من خلال إدماجها لمجموعة من المتطوعين في مجال التدريس ضمن أساتذة التعليم الابتدائي رغم أنهم تطوعوا لموسم دراسي واحد فلماذا هذا التجاهل لمطالب أساتذة التعليم الابتدائي والإعدادي المجازين المكلفين بالتدريس خارج إطارهم الأصلي؟ أليس من حق هذه الفئة تغيير إطارها إلى أساتذة التعليم الثانوي التاهيلي ؟ أليست هي أحق بهذا الامتياز من غيرها؟ وهنا نوضح أن هذه الفئات رغم أنها كلفت الوزارة غلافا ماديا إلا أنها استطاعت أن تجد حلا منصفا لوضعيتهم الجديدة، أما بخصوص فئة أساتذة التعليم الابتدائي و الإعدادي المجازين المكلفين بالتدريس بالثانوي بسلكيه فإنها لم تكلف الوزارة ولوفلسا واحدا، ومع ذلك تتغافل دراسة وضعها ،أو إيجاد حل عاجل ومنصف لهذه الفئة التي تحلت بخصال التضحية، ونكران الذات طيلة عملها بمهمة التكليف.




رضوان إبراهيمي


عن المنسقية الوطنية لاساتذة التعليم الابتدائى
والاعدادي المجازين المكلفين خارج اطارهم الاصلي
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-