هل تدخل المنظومة التربوية زمن التقويم ؟

الصورة من موقع تربية بريس - tarbiapress.net
عينت الدكتورة رحمة بورقية مديرة للهيئة الوطنية للتقييم التابعة للمجلس الأعلى خلال شهر مارس 2014 ويعد هذا التعيين بمثابة استكمال لهيكلة المجلس وفتح الباب على مصراعيه لعملية تقويم المنظومة التربوية كما نص على ذلك الميثاق الوطني للتربية  والتكوين .

ويكشف هذا التعيين وتوقيته مؤشرات هامة منها أولا رمزية تعيين امرأة في منصب سام في خضم الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة ،الذي يعد تكريس لموقعها المتميز .وكذا توقيت هذا التعيين الذي يأتي لاستكمال هياكل المجلس منذ الخطاب الملكي الفاصل ل 20 غشت 2013 الذي شخص الوضع المتردي للمنظومة . كما أن تعيين الأستاذة رحمة بورقية ذات المسار الأكاديمي المتعدد المهام والمسارات ، بمسحة مجتمعية بحكم أنها من مدرسة علم الاجتماع . والجميع متفق على العلاقات الوطيدة بين المدرسة والمجتمع بصيغته الواسعة . فالسيدة بورقية ساهمت في أوراش كبير متعلقة بإصلاح المنظومة سواء من موقعها داخل الجامعة  كأستاذة بجامعة محمد الخامس بالرباط،و حائزة على دكتوراه الدولة في علم الاجتماع، وهي أول امرأة تشغل منصب رئيسة جامعة بالمغرب (جامعة الحسن الثاني المحمدية) وكانت كأول امرأة عضو في أكاديمية المملكة.  الأستاذة بورقية قد شاركت في العديد من المهمات التي أنيطتبها  وكذا عضويتها في  اللجنة الاستشارية لإصلاح مدونة الأسرة، والهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح العدالة، والمجلس الأعلى للتعليم، ومحاربة جميع أشكال التمييز.كما قدمت مجموعة من الاستشارات المتعلقة بالمدرسة ابرزها صيغ وتحصين ا و السلوك اللا مدني .


ومن الجدير بالإشارة الى أن الحاجة كانت ملحة لهذه الهيئة منذ الخطوات الأولى لأجرأة مقتضيات وبنود الميثاق . وقد نص الميثاق صراحة في بنده 103 على إحداث الوكالة الوطنية للتقويم والتوجيه ،  كي تناط بها مهام البحث التنموي في مجال العلوم الانسانية ووضع معايير التقويم والامتحانات وتقويم مجرياتها وانسجامها ، كما سوف تعد تقريرا سنويا لأعمالها يتضمن تقويم المؤسسات وترتيبها.ومنذ بدايات الإصلاح   ظل الفاعلون التربويون يتطلعون الى تقويمات موضوعية لمساره، وفي كل مرحلة يتم تغيير الاتجاه دون تقويم أو وضع الأصبع على مكامن القوة و الخلل . والجميع يتذكر الصدمة التي خلفها تقويم المجلس الأعلى ضمن تقرير 2008 وما ترتب عنه من تبني الخطة الاستعجالية . ثم ها نحن اليوم وبعد خطاب 20 غشت أمام وضع ملتبس لاندري مدى نجاح أو فشل المخطط  ألاستعجالي ، وكذا آليات تقويمه الموضوعية . وقد دأبت المنظومة على تقويمات داخلية فاقدة للمصداقية لأنها تلعب دور الفاعل والحكم في نفس الآن وغالبا ما تغلف الخلاصات والتقويمات بمسوح سياسوية واضحة للعيان .
يبدو للمتتبع أن هذا التعيين يسير في الاتجاه الصحيح، لكن لماذا انتظار 14 سنة من الأجرأة قبل تفعيل واحد من أهم بنود الميثاق ؟ ألا يحق بنا أن نضع آليات للتقويم قبل بداية أوراش الإصلاح لكي تتم المحاسبة والتقويم الموضوعي في أوانه وقبل هدر المال والجهد والزمن والأجيال...بالنظر إلى اختصاصات الهيئة ، ألا نجدها تتداخل مع مهام هيئات أخرى داخل وزارة التربية الوطنية من قبيل المفتشية العامة التي تشتغل على عمليات التقويم من خلال جهاز التفتيش جهويا وعلى مستوى النيابات والمناطق التربوية . ثم كيف يمكن التوفيق بين مهام الوكالة ومديرية التقويم والحياة المدرسية التي تضطلع بتنظيم الامتحانات المدرسية والمهنية على المستوى الوطني ؟ على كل تبقى هذه الأسئلة تنتظر جواب المسؤولين في الوزارة والمجلس . ويذكر أن المجلس فتح أوراشا تشاورية بعد خطاب 20 غشت وتعيين ذ عمر عزيمان على رأسه مما يحيل على أن الهيئة الجديدة سوف يكون أمامها أوراش تقييمية مهمة نكر منها :


+    الانكباب على تقويم البرنامج الاستعجالي على مستويات التسيير والتدبير والنموذج البيداغوجي ومدى ومستوى تحقق البرامج  الــ 25  على واقع المدرسة المغربية .


+    تقويم  البرامج والمناهج التي أصابها التقادم بفعل عدم إنجاز التحيينات التي سطرتها وثائق الأجرأة خاصة الكتاب الأبيض .


+    تقويم حكامة المورد البشري من حيث برامج التكوين الأساس والمستمر وتدبير المسارات المهنية في سبيل النجاعة وترشيد النفقات ، وضمان عدم بقاء تلاميذ بدون مدرس/ة   .


+    التعامل الموضوعي والناجع مع التقويمات الدولية التي تضع المغرب في صفوف  مخجلة  على مستوى التحصيل الدراسي ، في تناقض غير مفهوم مع المجهود المالي والتدبيري الذي يعبأ .


+    إعادة النظر في الأطر المرجعية الخاصة بامتحانات الباكالوريا من أجل مزيد من انسجام التدريس والتقويم التربوي ، كي يصير الدرس محطة من أجل إجراء التقويم بشكل سلس وليس هاجسا رقميا تكون جميع الوسائل – حتى اللاتربوية – صالحة لتحقيق الهدف للحصول على أعلى النقط لولوج معاهد عليا معينة.


+    حل إشكاليات التقويم التربوي من قبيل المراقبة المستمرة وعلاقتها بالقطاعين العمومي والخاص للوصول الى مزيد من صدقية التقويم دون مبالغة ولانفخ غير مبرر في النقط .مما يخلق شرخا داخل المنظومة وفي المجتمع ( ظهرت بعض مؤشراته خلال احتجاج التلاميذ/ات على منظومة مسار ).


+    إعادة صياغة الامتحانات المهنية كي تتجه نحو التأثير الايجابي على الأداء الفعلي داخل الفصل الدراسي أو على مستوى تدبير المؤسسة . 


يبدو أن الأستاذة بورقية بمسارها المهني وممارستها الميدانية لعلم الاجتماع ومشاركتها في أوراش والتنمية الوطنية عبر عضويتها في العديد من التقارير الموضوعاتية أهمها تقرير الخمسينية ،قادرة على رفع التحدي وبلورة خطة تفاعلية وتشاركية لتقويم المنظومة والوقوف على ما أسمته في أحد مقالاتها حول السلوك المدني  (( مفاتيح المناعة التربوية ضمن المنظومة وهي الفكر التركيبي النقدي كأساس لإصدار الحكم على الظاهر والأشياء ))


عبد الرحيم الضاقية
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-